بطالة وخبرة

بطالة وخبرة 20251116 145749 0010

تَخَرَّج أخيراً من الكلية بعد معاناة لسنوات، وأخيراً فكت أصفاد الجامعة وفتحت أبواب الأموال والثراء، وأخيراً سيوفر ما يحتاج من المال ليتزوج، ويشتري تلك السيارة التي كان يحلم بها، ويؤثث شقته الخاصة، استقلالية تامة وأخيراً، أو هكذا ظن هذا المسكين لحظتها، قبل أن يكتشف الوحش قاتل الخريجين، الذي استسلم أمامه الكثير وأنهارات أحلامهم، ذلك الوحش الذي لطالما أكل لحم الشباب ثم يعطي بقايا هذه الأجساد اليافعه المسكينة إلى الوحش التالي، أو ما يسمونه بموظف الموارد البشرية “HR”، الذي ما إن تدخل عليه ومن قبل سلام أو كلام، يبدأ تحقيقاته وكأنه عميل مخابرات متمرس، نظرة استحقار نحوك، ثم بضعة أسئلة غبيه عن لون الحائط خلفك، وأين ترى نفسك بعد خمسين سنة من الآن، ثم الضربة القاضية بسؤالك عن الخبرة، التي طبعاً لا تملكها لأنك تخرجت حديثاً، صحيح أنهم في الإعلان طلبوا شخصاً حديث التخرج براتب يجمع الشحات في الشارع في يوم واحد أكثر منه، لكن وبشكل ما لا يمنعهم هذا من طلب أن تكون ذو خبرة سابقة، أشياء بسيطه طبعاً كخبرة عشرة سنوات كمدير تنفيذي لأحد الشركات العالمية الكبرى، أو لو عملت سابقاً كرئيس وزراء نيوزلندا لبضع سنوات مثلاً، أمور بسيطة كما ترى، وبما أنك لا تملك كل هذا طبعاً، توقع نظرة استحقار ختامية منه قبل أن يعطيك التسليكة الشهيرة: سنراسلك قريباً، ثم طبعاً لا تسمع أي خبر منهم بعدها قط، وهكذا تعلق في معضلة لا خبرة لا وظيفة، حيث لا تستطيع الحصول على وظيفة بدون خبرة ولا تستطيع الحصول على خبرة لأنك بلا وظيفة، ولا وظيفة بدون خبرة يا فتى ألم تسمعني أقلها قبل قليل!

اترك تعليقاً